صحة عامة

الشمندر .. غذاء جيد لتنشيط الدماغ وخفض ضغط الدم




الشمندر .. غذاء جيد لتنشيط الدماغ وخفض ضغط الدم


جذور الشمندر beet، أو البنجر كما يحلو للبعض تسميتها، إضافة إلى كونها
أحد المنتجات النباتية اللذيذة الطعم والغنية بالمعادن


والفيتامينات
والألياف وغيرها من العناصر الغذائية المفيدة، فإنها تستحوذ اليوم على
اهتمام طبي من نوع خاص.
صحيح أن الدراسات الطبية التي تمت حتى اليوم على الشمندر تعتبر دراسات مبدئية صغيرة، وقد استخدمت عصير الشمندر لدواع تتعلق بطريقة
البحث وتقييم التأثيرات، إلا أن نتائجها الإيجابية التي تم تقييمها
بمعايير بحث جيدة، تفتح الباب أمام مزيد من البحوث حول التأثيرات الصحية
لتناول جذور الشمندر.

وتتجه الأبحاث العلمية نحو دراسة التأثيرات
الصحية الإيجابية لعنصرين متوفرين بغزارة في الشمندر، هما مواد النيترات
nitrates الموسعة للشرايين والخافضة لضغط الدم، وصبغات بيتالين الحمراء
التي تعمل كمواد مضادة للأكسدة ومخففة لعمليات الالتهابات ومنشطة لتنقية
الجسم من السموم.

عصير الشمندر والنيترات:
ومع تفاقم الإصابات
بأمراض الشرايين، سواء في القلب أو الدماغ أو الأطراف أو الأعضاء
التناسلية، ومع انتشار الإصابات بتداعياتها ومضاعفاتها، مثل النوبات
القلبية والسكتة الدماغية وضعف الانتصاب وارتفاع ضغط الدم وغيرها، فإن
الوسائل العلاجية الطبية تتجه نحو الاستفادة من المواد الكيميائية التي
تسهم في توسيع الشرايين وتحسين مرونة جدرانها وزيادة تدفق الدم من خلالها.


ولذا أصبح للمواد الموسعة للشرايين أهمية عالية في معالجة حالات ارتفاع
ضغط الدم، وفي تخفيف آلام الذبحة الصدرية، وللحيلولة دون استمرار انسداد
الشرايين في نوبات الجلطات القلبية، ولتسهيل انتصاب العضو الذكري عبر تدفق
مزيد من الدم في شرايينه، وللعديد من الغايات العلاجية التي يتم استخدام
المواد الموسعة للشرايين فيها. وتوجهت الدراسات نحو البحث عن مصادر غذائية
طبيعية تحتوي على تلك المواد الموسعة للشرايين.

وفي هذا السياق
يأتي البحث الأميركي الجديد حول علاقة تناول الشمندر بالتغيرات في مقدار
تروية الدماغ بالدم. وكان هو الموضوع الأول ضمن مواضيع العدد الثاني من
نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي لمجلة «نايترك أكسايد: بيولوجي آند كيميستري»
Nitric Oxide: Biology and Chemistry المعنية بالبحوث العلمية المتعلقة
بالجوانب الحيوية والكيميائية لمواد أكسيد النيتريك الموسعة للشرايين.


وقام الباحثون من جامعة ويك فوريست بولاية كارولينا الشمالية في الولايات
المتحدة، بإجراء أول دراسة أثبتت أن بإمكان عصير الشمندر العمل على زيادة
تدفق الدم إلى الدماغ لدى الأشخاص الكبار في السن. وهي نتيجة يعتبرها
الباحثون ذات جدوى واعدة في محاولات مكافحة تطور عته الخرف لدى كبار السن.


وصرح الدكتور دانيال شابيرو، الباحث الرئيسي في الدراسة ومدير مركز تطبيق
العلوم والرعاية المستقلة للشيخوخة في جامعة ويك فوريست، بالقول: «هناك
كثير من الدراسات الطبية العالية الجودة التي أظهرت أن شرب عصير جذور
الشمندر له فاعلية إيجابية في خفض ضغط الدم. ولكن ما نحن في حاجة إليه هو
إثبات دور هذا العصير في زيادة التروية وتدفق الدم إلى الدماغ. ذلك أن هناك
مناطق دماغية يضعف ترويتها بالدم كلما زاد عمر الإنسان ودخل في مرحلة
الشيخوخة، وهو ما يعتقد طبيا أن له ارتباطا بعته الخرف وضعف قدرات التفكير
الذهني».

تروية ناصية الدماغ:
وجذور الشمندر في مقدمة قائمة
المنتجات النباتية الغنية بمواد النيترات، مثل الملفوف والكرفس والسبانخ
والخس. وحينما يتناول أحدنا هذه المنتجات المحتوية على مواد النيترات، فإن
البكتريا الصديقة good bacteria الموجودة في الفم والأمعاء، وإفرازات عصارة
الهضم، كلها تعمل على تحويل النيترات إلى مواد النيتريت nitrite، وتمتصها
الأمعاء لتدخل إلى الدم وتنتشر بالجسم. ومن المعروف جدا علميا أن مواد
النيتريت تعمل على فتح الشرايين في الجسم، وعلى زيادة تدفق الدم والأكسجين
من خلالها، خاصة أجزاء الجسم التي تشكو من نقص ترويتها بالدم.

وما
أثبتته هذه الدراسة لأول مرة أن ثمة علاقة إيجابية بين تناول عصير جذور
الشمندر الغنية بمواد النيترات، وبين زيادة تدفق الدم إلى الدماغ. وذلك
خلال مدة أربعة أيام من المتابعة لما يحصل في تدفق الدم إلى أدمغة مجموعة
ضمت 14 شخصا من الذين تجاوزا عمر سبعين سنة. وتم في التجربة العلمية تناول
بعض هؤلاء الأشخاص عصير جذور الشمندر ضمن وجبة الإفطار، وفق برنامج غذائي
محدد في النوعية ووقت تناول الطعام خلال اليوم كله. كما تم رصد يومي لنسبة
مادة النيتريت في الدم، قبل وبعد تناول ذلك العصير أو عدم تناوله. إضافة
إلى إجراء تصوير يومي لمقدار تدفق الدم إلى الدماغ، بواسطة الرنين
المغناطيسي MRI.

وأثبتت صور الأشعة أن الشخص حينما يتناول عصير
جذور الشمندر، لا يزيد تدفق الدم إلى «كل» أجزاء الدماغ، بل يزيد تدفق الدم
فقط إلى «منطقة الناصية» frontal lobes في الدماغ. ومعلوم علميا أن هذه
المنطقة الدماغية تؤثر على التفكير واتخاذ القرارات، وهي التي تتأثر خلال
تقدم السن بالإنسان، ويتسبب تلفها في عته الخرف وتدني قدرات التفكير
الذهني.

وقال الباحثون في محصلة نتائج الدراسة: «هذه النتائج تشير
إلى أن وجود النيترات الغذاء من الممكن أن يكون مفيدا في تحسين التروية
الدموية لمناطق دماغية من المعلوم أهمية دورها في الوظائف التنفيذية
للتفكير الذهني».

الشمندر وضغط الدم:
وأوضح الباحثون في مقدمة
الدراسة مجموعة من الحيثيات التي تطرح احتمال وجود تأثيرات صحية إيجابية
للشمندر. وقالوا تحديدا إن «مواد النيتريت المستخلصة من النيترات الغذائية
ثبتت علميا فائدتها في خفض ضغط الدم وتحسين قدرات التحمل عند أداء المجهود
البدني». وكانوا بهذا يشيرون إلى دراستين طبيتين سابقتين حول تأثيرات تناول
عصير الشمندر، وهما دراستان مبدئيتان صغيرتان، ولكنهما تفتحان الباب أمام
مزيد من البحث.

الدراسة الأولى، قام بها الباحثون من مؤسسة
«ويليام هارفي» للبحوث ومن لندن «سكول للطب»، حول دور عصير الشمندر في خفض
ضغط الدم. وتم نشرها في عدد 4 فبراير (شباط) لعام 2008 من مجلة «هايبرتنشن»
Hypertension المعنية بارتفاع ضغط الدم التي تصدرها «رابطة القلب
الأميركية».

وتحدث الباحثون البريطانيون فيها عن فوائد تناول
الخضراوات والفواكه في خفض ضغط الدم. وذكروا أن الدراسات السابقة نسبت ذلك
لمحتواها الغني بالمواد المضادة للأكسدة والمعادن والفيتامينات. ولكن
دراستهم طرحت أيضا أهمية الدور الإيجابي لمواد النيترات في تلك المنتجات
الغذائية النباتية. وتابع الباحثون في دراستهم المقارنة تأثيرات تناول عصير
الشمندر على عدة قراءات لقياس ضغط الدم، ما قبل وما بعد ذلك لفترة 24
ساعة، ولاحظوا التأثيرات الإيجابية على خفض ضغط الدم عند تناول كوبين من
ذلك العصير الطبيعي.

وصرح حينها البروفسور أمريتا أهلاواليا،
الباحث الرئيسي في الدراسة، بالقول إن «نتائج بحثنا تشير إلى أن تناول عصير
الشمندر، أو أي منتجات غذائية غنية بالنيترات، ربما هي وسيلة سهلة وبسيطة
للحفاظ على صحة جيدة لجهاز الأوعية الدموية والقلب، كما أنه وسيلة إضافية
لتخفيف ارتفاع ضغط الدم في حياتنا اليومية المعاصرة».

أما الدراسة
الثانية، فقد أجراها باحثون من جامعة أكستر في بريطانيا، وبحثوا في مقارنة
تأثيرات تناول أو عدم تناول عصير الشمندر على قدرات التحمل stamina عند
أداء المجهود البدني. وتم نشرها في عدد 6 أغسطس (آب) من مجلة «آبلايد
فسيولوجي» Journal of Applied Physiology المعنية بالبحوث التطبيقية لعلم
وظائف الأعضاء. وتمت المقارنة على مجموعة ضمت ثمانية رجال ممن تراوحت
أعمارهم بين 19 و38 سنة. وتعتبر هذه الدراسة الأولى التي بينت أن عصير
الشمندر المحتوي على مواد النيترات يؤدي إلى خفض الحاجة إلى مزيد من
الأكسجين في أجزاء الجسم، مما يقلل من الشعور السريع بالتعب حال القيام
بالمجهود البدني.



الشمندر.. طاقة غنية بالفيتامينات والمعادن:

استخدم الطب التقليدي جذور الشمندر في معالجة حالات صحية متعددة. وقد نصح
الطبيب الإغريقي القديم أبوقراط بتناول الشمندر لتسهيل التئام الجروح، كما
استخدم الرومان القدماء هذه الجذور في تخفيف حمى حرارة الجسم، وفي معالجة
حالات الإمساك. ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، يستمر اعتبار جذور الشمندر أحد
المنشطات الجنسية، وربما في جانب منه بسبب احتواء الشمندر على المواد
الموسعة للشرايين.

ووفق إصدارات وزارة الزراعة الأميركية حول
معلومات التغذية USDA Nutrient database، تحتوي كمية 100 غرام من جذور
الشمندر الطازجة على كمية متدنية من الطاقة، وتحديدا نحو 43 سعر حراري
(كالوري) فقط من الطاقة، أي ما يعادل طاقة ثلث موزة إلا أن هذه الكمية
القليلة تحتوي على مجموعة متنوعة من الفيتامينات والمعادن والعناصر
الغذائية المفيدة. وهي:

السكريات نحو 6.5 غرام. الألياف نحو 3
غرامات. البروتينات نحو1.5 غرام. الدهون نحو 0.2 غرام. وتؤمن كمية 100 غرام
من الشمندر حاجة الجسم اليومية من فيتامين فوليت بنسبة 27%، ومن فيتامين
«سي» ومعدن البوتاسيوم والحديد والنحاس وفيتامين بي – 6 والمغنسيوم
والفسفور بنسبة تصل إلى 7%، إضافة إلى كميات أقل من الكالسيوم والزنك،
وفيتامينات بي – 1 و2 و3، وغيرها.

وإضافة إلى تأكيد الدراسات
الطبية على الفوائد الصحية لهذه العناصر الغذائية في جذور الشمندر، فإنها
تتحدث عن مواد كيميائية أخرى مفيدة للصحة. وتحديدا الفوائد الصحية الواعدة
لمواد النيترات وصبغات بيتالين الحمراء.

وتجدر ملاحظة عدد من
الأمور حول الشمندر. الأول، أن المواد المفيدة في الشمندر، خاصة صبغات
المواد المضادة للأكسدة من نوع بيتالين betalain الحمراء السهلة الذوبان في
الماء، تتأثر بحساسية شديدة ونسبة بقائها وفاعليتها بحرارة الطهي. ولذا
يجب طهي الشمندر برفق ودون إنهاك، وتحديدا أقل من ربع ساعة خلال الغلي أو
الطهي بالبخار، كي يستفيد الجسم من تلك الصبغات. وهذه الصبغات سهلة الذوبان
في الماء لأنها تحتوي على عنصر النيتروجين، بخلاف أنواع أخرى من الصبغات
النباتية وبالألوان المختلفة التي لا تذوب في الماء كما هي الحال في حمرة
الشمندر.

أما الأمر الثاني، فهو أن تناول الشمندر قد يتسبب للبعض
في تغير لون البول إلى اللون الوردي أو الأحمر. وهي حالة تعرف طبيا باسم
«شمندر البول» beeturia. وهي حالة غير ضارة على الإطلاق، ويصاب بها نحو 15%
من متناولي الشمندر بشكل يومي، خاصة أولئك الذين لديهم اضطرابات في الحديد
بالجسم، أي مَن لديهم نقص في حديد الجسم، أو زيادة تراكم الحديد في الجسم.
ولذا منْ يظهر لديه تغير في لون البول بفعل تناول الشمندر، ولديه احتمالات
وجود اضطرابات في الحديد، فمن الأفضل مراجعته للطبيب كي يتأكد من حالة
الحديد في جسمه.

كما قد يتسبب تناول الشمندر في تغير لون البراز
نحو لون قريب من الأحمر، خاصة لدى الأطفال مقارنة بالبالغين. وهذا أيضا لا
أضرار صحية له.

والأمر الثالث، هو أن الأجزاء الخضراء من نبات
الشمندر تحتوي على كميات عالية من مواد أوكساليت، التي ربما تتسبب للبعض في
تكون حصاة الكلى أو المرارة. ولكن جذور الشمندر الحمراء لا تعتبر غنية
بهذه المادة التي قد تضر البعض من الناس. ويمكن تناول أوراق الشمندر نيئة
إذا كانت صغيرة في العمر، أما الأكبر حجما وعمرا فيتم طبخها أسوة بأوراق
السلق والسبانخ وغيرها من الخضروات الورقية المرة الطعم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لدى كل يوم معلومة طبية و صحية و ثقافية © 2022
صور المظاهر بواسطة diane555. يتم التشغيل بواسطة Blogger.