البواسير Hemorrhoids
سببت البواسير متاعب للبشرية منذ وقت سحيق, ومع ذلك فإن عدم الفهم المتعلق
بالأعراض والمرض مازال موجودا, والكثيرون يحتاجون المعلومات الكافية
المتعلقة
بأمراض الشرج والمستقيم ومنها البواسير.
معدلات حدوث المرض:
يصل عدد الوصفات الطبية المتعلقة بالبواسير إلى 1.5 مليون وصفة سنويا, وعدد جراحات استئصال البواسير هو في تناقص, وقد وصل عدد جراحات استئصال البواسير سنة 1974 إلى 117 حالة من 100.000, وقد نقص هذا العدد إلى 37 حالة سنة 1987, وقد ساعد علاج المرضى بالعيادات الخارجية وبغرفة مكتب الطبيب في حدوث هذا النقص, وتصيب البواسير المرضى في كل الأعمار, ولكن أغلب الحالات يكون في عمر 46–65 عام.
الأسباب:
الشكوى بالبواسير لا تكون مصحوبة في الغالب بحالات مرضية أخرى, ولكن يرتفع
خطر الشكوى من البواسير عند المرضى بالحالات الآتية:
مرض الأمعاء الإلتهابي inflammatory
bowel disease.
التهاب القولون التقرحي ulcerative colitis ومرض كرون Crohn
disease.
الحمل يكون مصحوب بالعديد من مشاكل الشرج والمستقيم.
تولد المرض:
تطلق تسمية البواسير على الأعراض التي تسببها البواسير, وتكون البواسير
موجودة عند أشخاص أصحاء, وتسبب البواسير أعراض عندما يحدث بها تضخم, أو
التهاب, أو تجلط, أو تدلي. ويوجد اتفاق بين غالبية المؤلفين والكتاب على أن
الأطعمة قليلة الألياف تسبب قدر صغير من البراز والذي
يدعو إلى تقليص عضلات البطن بشدة أثناء التبرز لزيادة الضغط داخل البطن,
وهذا الضغط
الزائد يسبب احتقان البواسير ومن الممكن أن يكون ذلك بسبب
معارضة عودة الدم
للقلب venous return. والحمل وزيادة
التوتر بالعضلة العاصرة الداخلية من الممكن أيضا
أن يسبب مشاكل بالبواسير وعلى ما يبدو فإن ذلك يكون بنفس الآليات حيث أن
نقص عودة الدم للقلب يكون هو الآلية التي يعتقد أنها السبب, والجلوس لوقت
طويل بالمرحاض يعتقد أنه يسبب مشاكل نسبية لعودة الدم إلى القلب في المنطقة
حول الشرج مما يسبب تضخم البواسير, والتقدم في السن يسبب ضعف الأنسجة
الداعمة ويدعم ذلك حدوث تدلي وضعف الأنسجة الداعمة من الممكن أن يحدث مبكرا وعند
العقد الثالث من العمر, والإمساك وتقليص عضلات البطن بشدة
أثناء التبرز لزيادة الضغط داخل البطن هي الأسباب المتهمة وراء تكون بواسير
وقد يكون هذا الاتهام حقيقي أو قد لا يكون. والمرضى الذين يصابون
بالبواسير يكون عندهم توتر عضلي بقناة الشرج أكثر من
الطبيعي, ويكون هذا التوتر أقل بعد إجراء جراحة للبواسير.
والحمل من الواضح أنه يهيئ السيدات لظهور أعراض البواسير وبالرغم من أن
آليات حدوث ذلك غير معروفة فإنه من الملحوظ عودة السيدات للحالة الطبيعية
والتي هي بدون أعراض للبواسير بعد وضع الجنين, والعلاقة بين البواسير
والحمل يرجع إلى التغيرات الهرمونية والضغط المباشر للحمل.
وزياد الضغط بالوريد البابي portal hypertension تم ذكر الارتباط بينه وبين
حدوث البواسير بالرغم من أن الذين يصابون بالبواسير في وجود زيادة بضغط
الوريد البابي ليسوا أكثر من الذين يصابون دون وجود زيادة بضغط الوريد
البابي و يحدث نزف عند هؤلاء المرضى بكمية كبيرة ويصاحب
النزف عادة وجود اعتلال بتخثر الدم وعند حدوث هذا النزف يكون
من المقترح عمل غرز وربط direct suture ligation. ودوالي الشرج والمستقيم تكون منتشرة عند مرضى زيادة ضغط الوريد البابي,
وتحدث الدوالي بوسط المستقيم عند اتصال الوريد البابي بالوريد الأوسط
والوريد السفلي للمستقيم, والدوالي تحدث في
الغالب عند المرضى بكبد غير متليف, ومن النادر حدوث نزف لهم, وفى العادة يتجه العلاج إلى علاج الزيادة بضغط الوريد البابي, والعلاج
الطارئ للنزف يكون بعمل غرز وربط,
وعمل تحويل للوريد البابي إلى الدورة الدموية الجهازيه Portosystemic shunt
تم استخدامه كعلاج لزياد الضغط بالوريد البابي.
الأعراض
والعلامات:
ينسب كل الأطباء الأعراض في المنطقة حول الشرج إلى البواسير, والطبيب
الماهر يستمع إلى المريض ويتحقق من مصدر المشكلة أو الحالة قبل عمل الفحص
للتأكد من أن الشكوى بسبب البواسير وأنها ليست من مصادر أخرى بمنطقة الشرج
(الشرخ, أو الخراج, أو الناسور, أو الحكة الشرجية, أو الأورام اللقمية condylomata, أو العدوى
الفيروسية والميكروبية للجلد) والتي تحتاج للاستبعاد.
ترجع شكوى البواسير إلى بواسير داخلية أو
بواسير خارجية.
البواسير الداخلية Internal hemorrhoids لا تسبب ألم بالجلد لأنها تقع
فوق الخط المسنن dentate line, وليس لها إمداد عصبي من الجلد, ومع ذلك فهي من الممكن أن تنزف,
أو تتدلى وتسبب حكة جلدية حول الشرج, كما تسبب ألم حول الشرج perianal pain, وتقلص بالعضلة العاصرة حول
البواسير, وهذا التقلص يسبب عدم ارتياح عند تدلي البواسير بسبب
ترسيب مخاط - يحتوى على آثار براز - على النسيج حول الشرج وإثارة للجلد
بالمنطقة, ويقل عدم الارتياح عند إرجاع البواسير المتدلية, والبواسير الداخلية تسبب ألم حاد عندما تنحبس incarcerated, أو تختنق
strangulated, ويرجع الألم أيضا إلى تقلص العضلة العاصرة, والاختناق مع
حدوث نخر necrosis من الممكن أن يسبب عدم ارتياح أكثر عميق, وعندما تحدث هذه الأحداث فإن التقلص العضلي للعضلة العاصرة
يسبب في أغلب الحالات تخثر خارجي external thrombosis والذي يسبب ألم حاد
بالجلد حول الشرج وهذه الأعراض المزعجة يشار إليها بأزمة البواسير
الحادة acute hemorrhoidal crisis وتحتاج إلى
علاج في قسم الطوارئ.
البواسير الداخلية من الشائع أن تسبب نزف غير مؤلم مع
حركة الأمعاء, وغطاء البواسير من الغشاء المخاطي يتحطم مع زيادة حركة الأمعاء, ويحدث نزف من الأوردة تحت هذا
الغطاء مع تقلص العضلة العاصرة والذي يزيد من الضغط على الأوردة مما يجعل
الدم يتدفق من الأوردة بالبواسير, والبواسير الداخلية من الممكن أن ترسب
مخاط على النسيج حول الشرج مع تدلي البواسير, وهذا المخاط مع ما يحتويه من آثار براز- يمكن رؤيته بالمجهر -
من الممكن أن يسبب التهاب جلدي موضعي localized dermatitis والذي يسمى
بالحكة الشرجية. وبصفة عامة فإن البواسير ليست هي السبب
المباشر في حدوث الحكة الشرجية ولكن نقلها للمخاط الذي يحتوى آثار براز
يكون هو السبب في حدوثها.
البواسير الخارجية تسبب أعراض بسبب التجلط بالوريد
الخارجي للبواسير والذي من الممكن حدوثه, وهو يحدث بسبب الإجهاد
البدني, والإمساك الذي يسبب تقليص عضلات البطن بشدة
أثناء التبرز لزيادة الضغط داخل البطن, وأيضا بسبب نوبات الإسهال, أو تغيير نمط الطعام, وينشأ الألم بسبب الانتفاخ السريع -
والذي تنقله الأعصاب التي تغذي منطقة الجلد حول الشرج – الذي يسببه التجلط أو الودمة, ويستمر الألم لمدة 7–14 يوم
وينتهي بتحلل
الجلطة وزوالها, ويظل الجلد الذي حدث به تمدد كجلد زائد, والتجلط يسبب تآكل الجلد الذي يغطي الجلطة
ويسبب نزف, ويتكرر ذلك حوالي 40–50% من الأوقات في نفس الموضع – وذلك
بسبب الوريد الذي حدث به تحطم – وببساطة فإن إزالة الجلطة مع ترك الوريد في
مكانه بدلا من استئصال الوريد بالجلطة سيهيئ المريض لعودة الأعراض,
والبواسير الخارجية تسبب صعوبات بالنظافة فالجلد
الزائد حول الشرج يصعب تنظيفه.
البنية
التشريحية:
البواسير ليست دوالي بالأوردة ولكنها عناقيد من النسيج
الوعائي (شرايين صغيرة arterioles وأوردة
صغيرة venules واتصال بين الشرايين والأوردة الصغيرة) علاوة على العضلات الملساء - عضلة تريتز Treitz muscle -
والنسيج الضام المغطى بالغشاء المخاطي لقناة
الشرج, وتوجد أدلة على أن النزف بالبواسير يكون شرياني وليس وريدي, ويدعم
هذه الأدلة اللون الأحمر الناصع للدم, وأيونات الهيدروجين بالدم النازف أو
الرقم الهدروجيني.
والبواسير تصنف إلى بواسير خارجية وبواسير داخلية ويفصل بينها الخط المسنن dentate line (الممشطي
pectinate), والبواسير الخارجية هي البواسير المغطاة بالغشاء المخاطي التي
تكون خلاياه مغزلية squamous epithelium, بينما البواسير الداخلية يغطيها
غشاء مخاطي خلاياه عمودية columnar epithelium, والبواسير الخارجية يغذيها
الأعصاب التي تغذى الجلد حول منطقة الشرج, وهذه الأعصاب تشمل العصب الفرجي
pudendal nerve والضفيرة العجزية sacral plexus, بينما البواسير الداخلية
ليس لها إمداد عصبي حسي ولذلك فهي لا تسبب ألم, وعند مستوى الخط المسنن
يثبت البواسير الداخلية الرباط المخاطي التعليقي mucosal suspensory
ligament بالعضلة الواقعة أسفل منها.
والبواسير الداخلية تحدث في ثلاثة مواضع رئيسية من قناة الشرج وهي الخارجية اليسرى والخلفية اليمنى والأمامية اليمنى, وقد توجد لمات صغيرة tufts بين هذه المواضع الرئيسية, والوريد الخارجي للبواسير يوجد بشكل محيطي تحت الجلد حول الشرج, ومن الممكن أن يسبب خلل في أي موضع في محيط الشرج. الفحوص: فحوص الدم:
فحوص المنظار: قد يجرى فحوص منظار لاستبعاد وجود مرض بالقولون أو الأمعاء, ورؤية البواسير الداخلية. فحوص الأشعة: قد يجرى فحص أشعة بعد إعطاء حقنة باريوم شرجية عند ضرورة استبعاد وجود مرض بالقولون أو الأمعاء, وفى حالة عدم مساعدة الفحص بالمنظار في ذلك, وقد تبين صورة الأشعة وجود بواسير على شكل عيب مالئ filling defect. التشخيص:
|
وتدلي البواسير من الممكن رؤيته عند إخراج الزفير بقوة مع غلق الجزء فوق أعلى القصبة الهوائية بحيث لا يخرج الهواء من الفم أو الأنف, وذلك يعرقل عودة الدم إلى القلب, وهو ما يسمى بطريقة فالسالفا Valsalva maneuver, كما يتم عمل منظار للقولون السيني sigmoid colon لاستبعاد وجود مرض به, وفحص القولون بالمنظار يساعد في تشخيص حالات النزف الشرجي التي تكون غير معروفة المصدر, وكذلك فحص الأشعة بعد عمل حقنة شرجية بالباريوم. فحص الأنسجة:
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق