يعاني حوالي 80% تقريباً من الحوامل من الغثيان أو القيء ما بين الأسـبوع 4ـ12 من الحمل.
من الشائع والطبيعي جداً أن تشعري بالغثيان بدل "التألق" خلال الأيام الأولى من الحمل. ويختلف مدى سوء الأمر كثيراً من امرأة إلى أخرى. تحس بعض النساء بنوبات متزايدة من الغثيان الخفيف عند النهوض من الفراش صباحاً، بينما يستمر الشعور بالغثيان طيلة اليوم وعلى مدى أسابيع بالنسبة للنساء الأخريات.
وعادة ما يكون هذا الغثيان أو القيء عادياً أو مزعجاً، إلا أنّ 1% من
الحوامل قد يعانين من القيء الشديد المتكرر الذي يحتاج إلى تدخل طبي عاجل
في المستشفى؛ خوفاً مما قد يسببه من نقص السوائل واضطراب الشوارد الكهربية،
وهي الأملاح والمعادن مثل الصوديوم والبوتاسيوم .
يمكن أن يؤثر الغثيان عليك جسدياً ونفسياً واجتماعياً. وقد تتوقف حياتك الطبيعية لبعض الوقت فيما تجدين نفسك غير قادرة على التعامل مع مهمات العمل والتواصل الاجتماعي أو الاعتناء بأطفالك الآخرين ، اطلبي من عائلتك أن تساعدك بطرق عملية مثل التسوّق والطبخ (الطهو) والعناية بالأطفال والقيام بالواجبات المنزلية .
تضطر العديد من النساء إلى أخذ إجازة من العمل بسبب غثيان الحمل ، ربما لم تخبري أحداً بعد عن مسألة الحمل، وقد تشعرين بالضغط والتوتر للحفاظ على مظهرك المعتاد. وللحصول على المساعدة التي تحتاجين إليها خلال الأيام الأولى، من الأفضل أن تسألي الآخرين مبكراً عمّا تحتاجينه .
متى علي زيارة الطبيب؟
من الهام أن تتحدثي إلى طبيبتك في وقت مبكر لأن العلاج يصبح أصعب عندما تتطور حالة الغثيان لديك. يجب أن تزوري طبيبتك أو ممرضة التوليد طالما أن الأعراض تؤثر على حياتك. مع ذلك، بعض العاملين في الحقل الطبي يهتمون فقط بالتقيؤ الشديد لما قد يسببه من مضاعفات عليك وعلى طفلك، وربما سيطلب منك فقط الانتظار حتى يتحسّن وضع الغثيان لديك .
ينظر الكثير من الأطباء إلى غثيان الحمل كحالة خفيفة. لكن بيّنت الأبحاث أنهم قد يقللون أحياناً من أهميته وتأثيره على حياة النساء. ووجدت الدراسات أن بعض النساء يجدن أن الغثيان المستمر والذي لا تقلّ حدته أصعب من التقيؤ الذي يؤدي إلى الشعور براحة مؤقتة على الأقل .
إذا كنت تتقيئين عدة مرات في اليوم ولا تستطيعين الأكل أو الشرب من دون تقيؤ وتخسرين من وزنك، يتحتم عليك رؤية طبيبتك. فمن المحتمل أن تصابي بالجفاف وسوء التغذية. إن العلاج المبكر يمكن أن يحول دون حدوث الغثيان الشديد والاضطرار لدخول المستشفى بسبب الإصابة بفرط التقيؤ .
إذا كنت تفكرين في حمل آخر وقد عانيت كثيراً من قبل، فإن التدخل الطبي المبكر سيحول دون تكرار المشكلة .
ماذا أفعل كي أساعد نفسي؟
لا شك أنك تبتعدين عن الأطعمة والروائح التي تزعج معدتك. ولكي تتجنبي – أو على الأقل تخففي من – حدة الغثيان، عليك القيام بالتالي :
تناول كميات قليلة من الطعام عدة مرات. فالمعدة الفارغة تزيد الشعور بالغثيان. حافظي على ثبات نسبة السكر في الدم وحاولي أن تأكلي أطعمة جافة ومهدئة على مدى اليوم .
كلي ما تشتهي نفسك في الوقت الذي تريدين لفترة من الوقت، لكن ابتعدي عن الأطعمة الحمضية أو المقلية أو الحريفة (الحرّة) وتناولي ما هو قليل الدهون عموماً. اختاري الأطعمة الغنية بالبروتين والفيتامين "ب" مثل اللبن الرائب (الزبادي). لكن لا بأس بأي شيء سهل الأكل ويخفف عنك الإحساس بالغثيان مثل البسكويت الرقيق والهشّ .
احتفظي بوجبة خفيفة وبسيطة (مثل البسكويت العادي) بالقرب منك. امنحي نفسك بعض الوقت الإضافي صباحاً لتناولها وارتاحي قبل النهوض من الفراش .
اكتبي بعض الملاحظات عن التوقيت الذي تشعرين فيه أنك أفضل، أو أسوأ. عادة ما يكون هناك نمط يومي للشعور بالغثيان، وقد تعثرين على وقت محدد في اليوم حيث تستطيعين الأكل والشرب من دون التقيؤ .
جربي شرب الماء ما بين الوجبات إذا كنت تجدين أن من الصعب عليك الاحتفاظ بالسوائل، وخففي من استهلاك السوائل أثناء الوجبات. احرصي على الشرب بانتظام، ويمكنك مصّ مكعبات الثلج إذا كنت تتقئين السوائل .
احصلي على المزيد من الراحة والاسترخاء قدر الإمكان وخذي إجازة من العمل إذا لزم الأمر. فإن التوتر والضغط والتعب عوامل تزيد من سوء غثيان الحمل .
تنشقي الليمون الحامض – قد يساعدك شمّ قطعة من الليمون المقطّع في تخفيف الغثيان. يمكنك إضافة بعض شرائح الحامض إلى الشاي المثلج أو الماء الفوّار .
حضري كوباً من شاي الزنجبيل باستخدام جذور الزنجبيل المقشرة والمبشورة أو اشربي شراب الزنجبيل المحلّى أو تناولي أقراصاً منه. فالزنجبيل معروف بقدرته على تهدئة المعدة والتخفيف من حدة الغثيان. مع ذلك، عليك استهلاك الزنجبيل باعتدال وعناية – فقد لا يساعد في جميع الحالات .
ضعي لفافات المعصم المضادة لدوار البحر أو الضغط الإبري (نوع من التدليك العلاجي ينتمي إلى العلاج بالإبر عن طريق الوخز) – والمتوفرة في الصيدليات ومتاجر الأطعمة الصحية فهي تساعد على تخفيف الغثيان والتقيؤ لدى بعض النساء.
فيتامين "ب 6" (بيريدوكسين) أو فيتامينات الحمل المتنوعة التي قد تقلل من الغثيان ، إذا بدأت بأخذ هذه الفيتامينات قرابة تاريخ الإخصاب، ربما تعانين من أعراض أقل حدة. استشيري طبيبتك قبل تناول أي أقراص خلال الحمل.
علاجات طبيعية مثل العلاجات بالروائح العطرية (الليمون الحامض، أو الزيوت الحمضية) أو الطب البديل يمكن أن تساعد – لكن اذهبي إلى ممارس معتمد وخبير في معالجة النساء الحوامل.
إن التحدث في هذه الأمور مع شخص يفهمك يمكن أن يساعد أيضاً.
ما هي العلاجات الطبية المتوفرة؟
بالنسبة لمعظم السيدات، يكون الدواء آخر الحلول بعد تجريب كل شيء والاستنتاج بأنه لم ينفع ، بعض النساء لا يرغبن بتناول أي أدوية على الإطلاق طيلة فترة الحمل، وقد لا تريدين التفكير في أي علاج طبي لغثيان الحمل خوفاً على طفلك.
لكن هناك أدوية آمنة وفعالة ضد غثيان الحمل يمكن استخدامها إلى جانب الطرق المذكورة أعلاه ، عادة ما يتم التوقف عن هذه الأدوية بين الأسبوعين 12 و14 من الحمل عندما تخفّ حدة الغثيان.
هناك أسباب تاريخية لعدم المعرفة بشأن هذه الأدوية، وحتى في حالات غثيان الحمل الشديد. Thalidomide كان يوصف للغثيان الصباحي ما بين أواخر سنوات الخمسينات وأوائل الستينات، لكنه كان يسبب عيوباً خلقية لدى الجنين. وهذه الحالة المفجعة جعلت الأطباء في غاية الحذر أو عدم الرغبة في وصف أي دواء للمرأة الحامل، كما أن شركات الأدوية لم تشأ الترويج لهذه الأدوية. والنتيجة أنه حتى اليوم، ليس هناك موافقة أو تصريح بوصف دواء محدد يمكن استخدامه في الحمل.
لكن وضع دواء thalidomide يعني أن الأدوية المستخدمة خلال الحمل قد خضعت لاختبارات دقيقة وصارمة جداً. ويمكن أن تكون أدوية (بيريدوكسين) فيتامين "ب 6" ومضادات الهستامين حبل النجاة للنساء اللاتي يعانين من غثيان الحمل وهي أدوية آمنة إلى حد ما للحامل. لكن قد لا يكون من السهل دائماً الحصول عليها.
مضادات الهيستامين أو H1 blockers
توجد الكثير من الأدلة على أن مضادات الهيستامين – وهي أدوية تمنع الهيستامين من التسبب بالحساسية – ناجعة ضد حالات التقيؤ والغثيان في الحمل. وعادة ما تسبب مضادات الهيستامين النعاس ويفضّل تناولها في الليل وتجنّب قيادة السيارة.
ومن الأدوية التي يشيع وصفها ضد غثيان الحمل في الإمارات Promethazine (تحت اسم Avomine) وCyclizine.
الفيتامين "ب 6" (pyridoxine)
وجد أن النساء اللواتي يعانين من غثيان الحمل الشديد لديهن معدل منخفض من الفيتامين "ب 6". وأظهرت الأبحاث أن هذا الفيتامين يساعد في تخفيف حدة غثيان الحمل من دون أن تكون له آثار جانبية. مع أنه من المحتمل شراؤه مباشرة من الصيدلية، لكن يجب أن تصرفيه بناء على وصفة من طبيبتك. أما الجرعة الموصى بها للمرأة الحامل فهي 10 إلى 25 ملغ من البيرودوكسين، ثلاث إلى أربع مرات في اليوم. وبعض الأدوية التي تباع مباشرة في الصيدلية تكون أقوى من هذا المعدل، ولم تبحث الدراسات في فعالية أو أمان الجرعات العالية من هذا الفيتامين.
كما يمكن أن يخفف نوع جيد من فيتامينات الحمل المتنوعة من أعراض الغثيان لدى بعض النساء الحوامل. لكن تذكري أن تناول الفيتامينات والمعادن خلال الحمل هو شكل من أشكال العلاج الطبي، لذلك تأكدي من استشارة طبيبتك قبل تناول أي منها.
مزيج من مضادات الهيستامين والفيتامين "ب 6"
بينت بعض الدراسات أن المزج ما بين مضادات الهيستامين والفيتامين "ب 6" يؤدي إلى نتائج أفضل مما لو أخذ كل منهما لوحده. بالرغم من أن هذه الأدوية متوفرة كدواء ممزوج، إلا أنه يمكنك تناولهما منفصلين.
يقول بعض الخبراء إن أقراص هذين العقارين متوفرة بناء على وصفة طبية ، كما يمكن شراؤهما مباشرة من الصيدلي، لكن يجب أن تتحدثي مع طبيبتك قبل البدء بالعلاج الذاتي .
لو رغبت في تجريب هذا المزيج، اطلبي أقراص pyridoxine عيار 10 ملغ وpromethazine (Avomine) عيار 25 ملغ. خذي قرصين من كل منهما ليلاً (إن الـ avomine قد يسبب لك النعاس)، وبعد أيام قليلة، يمكنك إضافة قرص واحد صباحاً وآخر وقت الغداء إذا دعت الحاجة. لا تتجاوزي الجرعة المذكورة والمصرّح بها.
دواء phinothiazine والأدوية ذات الصلة
إذا كنت تعانين من التقيؤ الحاد، ربما يوصف لك prochloreparazine أو ما يعرف بـ stemetil، أو metoclopramide أي (maxolon)، ما لم نتفع معك مضادات الهيستامين. فهذه الأدوية فعالة لكن نسبة الأمان فيها غير مثبتة بقوة كما هو الحال مع مضادات الهيستامين. وقد يكون لها آثار جانبية قليلة جداً بما فيها الحركات غير الإرادية أو العفوية.
مشتقات الكورتيزون Corticosteroids
هذه الأدوية (مثل dexamethasone) يمكن وصفها بعد الأسبوع الـ 12 من الحمل للنساء اللاتي يعانين من فرط التقيؤ كعلاج أخير ما لم يستجبن للعلاجات الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق